"مجلس حقوق الإنسان" يوصي بتسليط الضوء على حقوق الأقليات بالعالم
خلال انعقاد دورته الـ52 بجنيف
ناقش المجلس الدولي لحقوق الإنسان، تقريرا بشأن قضايا الأقليات، بمناسبة الذكرى السنوية الثلاثين لاعتماد الإعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية أو دينية أو لغوية.
جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي في جنيف خلال الفترة من 27 فبراير حتى 4 إبريل 2023، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
وترأس الجلسة النقاشية التي خصصت لمناقشة التقرير، المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات فيرنان دي فارين، بحضور 580 مشاركا من 79 بلدا حول العالم.
وأشارت توصيات التقرير إلى القانون والمعايير والممارسات الجيدة الدولية في مجال حماية حقوق الإنسان للأقليات، بهدف تقديم التوجيه لمواصلة تنفيذ إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية أو أقليات دينية ولغوية.
ودعت إلى اغتنام مناسبة الذكرى السنوية الثلاثين لاعتماد الإعلان للوقوف على حقوق الأقليات وتحديد الثغرات في نظام حماية الأقليات وتقديم التوصيات بشأن سبل المضي قدماً.
وتمثلت معظم التوصيات في تسليط الضوء على المسؤولية الرئيسة للدولة في تنفيذ وتعزيز مبادئ الإعلان، والتأكيد على الدور النهائي للمدافعين عن حقوق الإنسان للأقليات في نفخ الحياة في مبادئ الإعلان، وبالتالي الاعتراف بأنهم أيضاً بحاجة إلى الحماية.
وسلطت الضوء على أهمية إزالة العقبات المستمرة أمام تنفيذ الإعلان، والتشديد على أهمية إدماج الأقليات وممثليها في عمليات رسم السياسات وصنع القرارات التي تمسها، وذكر الآثار الإيجابية لقيادة نساء الأقليات وشبابها على تنفيذ الإعلان.
واعترفت التوصيات أيضاً بالدور الهام الذي يمكن أن تلعبه الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية ومنظمات المجتمع المدني وممثلو الأقليات وغيرهم في إزالة العقبات التي لا تزال قائمة أمام تنفيذ الإعلان وسبل تحقيق تقدم أوسع وملموس بصورة أكبر.
إزالة العقبات
ومن المقرر تنفيذ التوصيات في جميع بلدان العالم من أجل مساعدة الدول على فهم أفضل لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان، فيما يتعلق بالأقليات، ومساعدتها على تحديد نهج للاحترام الكامل للمعايير العالمية لحقوق الإنسان.
وتهدف أيضا إلى تشجيع مزيد من المناقشات واسعة النطاق مع ممثلي الأقليات بشأن سبل المضي قدما والوسائل عملية المنحى، لتعزيز حماية حقوق الإنسان للأقليات وترجمة أحكام الإعلان إلى إجراءات على الأرض.
وأكدت توصيات التقرير أنه ينبغي للدول أن تصدق على جميع الصكوك الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان التي تحمي وتعزز حقوق الإنسان للأقليات وأن تنضم إليها وتلتزم بها.
ويجب على الدول أن تكفل التنفيذ الكامل لإعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية، إلى جانب تعزيز الجهود لحماية حق الأقليات في الحياة واتخاذ التدابير اللازمة لمنع الجرائم المرتكبة ضد شباب ونساء الأقليات.
وبمقتضى التوصيات، يلزم على الدول التي تدير المعونة الإنسانية أن تتخذ إجراءات عاجلة لتجنب التمييز ضد الأقليات بمن فيهم الأشخاص ذوو الهمم.
وفيما يتعلق بالتعليم، ينبغي للدول أن تقيِّم محتوى المناهج الدراسية القائمة، بما في ذلك الكتب المدرسية على أساس معايير واضحة بشأن التعليم المتعدد للثقافات.
وينبغي للأمم المتحدة ضمان إدماج الأقليات في برامجها الإقليمية والقطرية، واستخدام كفاءاتهم الواسعة للتصدي للعدد المتزايد لحقوق الإنسان للأقليات نتيجة التغير المناخي.
وأكدت التوصيات أنه ينبغي لوسائط الإعلام رفع مستوى الوعي بقضايا الأقليات بشكل مسؤول واستباقي، من أجل تثقيف عامة الجمهور ومساءلة صانعي القرار عن قراراتهم التي تمس الأقليات.
معالجة الثغرات
وكشفت التوصيات أيضاً أنه لضمان حماية حقوق الأقليات وتمتعها بها، ينبغي للدول والأمم المتحدة النظر في وضع معاهدة ملزمة قانوناً، من خلال تقديم تعريف واضح للأقليات والقطع مع البنى الاستعمارية القديمة، بما في ذلك على أساس الأقليات القديمة والجديدة.
ودعت إلى الاعتراف بحق الأقليات في تحديد هويتها، وتقرير مصيرها، وحكم ذاتها، وواجب على الدول توفير حماية قانونية واضحة للأقليات، بما في ذلك في حالات النزاع المسلح، إضافة إلى زيادة التركيز على الحقوق الاجتماعية الاقتصادية والثقافية للأقليات.
وشددت التوصيات على اعتماد الدول الأطراف بصورة مرنة أحكاما دستورية لا تقصر نطاق حماية الأقليات على المواطنين فقط، بل توسعها لتشمل غير المواطنين المنتمين إلى أقليات تكريس إدراج الميل الجنسي والهوية الجنسانية ضمن حماية الأقليات.
وذكر التقرير أنه ينبغي لجميع الدول أن تتخذ جميع التدابير المناسبة لضمان احترام وحماية وإعمال حق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية في مواصلة التعليم بلغتهم الأم في جميع مراحل تعليمهم، بما في ذلك التعليم قبل المدرسي والتعليم العالي.
ودعا الدول إلى تنقيح القوانين والممارسات، بما فيها قوانين وممارسات البناء والتشييد التي يحتج بها في إدارة المراكز الدينية وأماكن العبادة التي تقيد أنشطة الأقليات الدينية على أساس شواغل النظام العام والأمن القومي، وكفالة توافق القوانين التي تنظم أنشطة المنظمات الدينية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
وينبغي لجميع الدول أن تكفل تمثيل الأقليات في وضع السياسات والقوانين الرامية إلى إدماجها من خلال إجراءات إيجابية مثل الحصص في البرلمانات والنظر في أساليب بديلة للتمثيل مثل التوافقية.
ويجب على جميع الدول والأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية أن تعترف بأن مسألة الأقليات وخاصة في دول ما بعد الاستعمار ترتبط ارتباطاً جوهرياً بعملية تصفية الاستعمار وإنشاء دول جديدة، وبالتالي ينبغي لها أن تعترف بالوضع الخاص للأقليات مقارنة بالفئات الضعيفة الأخرى في القواعد القانونية الدولية والوطنية ذات الصلة وفي تنفيذها.
وتحتاج جميع الدول والأمم المتحدة إلى وضع حكم أكثر تحديداً للمشاركة المجدية للأقليات في صنع القرارات المتعلقة بالتنمية بصفاتهم الفردية والجمعية على حد سواء، بناء على إعلان حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية وإلى أقليات دينية ولغوية.
وأقر التقرير توصيات للتركيز على دور المدافعين عن حقوق الأقليات في تعزيز مبادئ الإعلان بشأن حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات قومية أو إثنية أو إلى أقليات دينية ولغوية.
أما بالنسبة للتوصيات لسد الثغرات في إعمال حقوق الإنسان للأقليات، فأكد أنه ينبغي للأمين العام للأمم المتحدة تعيين فريق رفيع المستوى لاستعراض قيود الإطار الحالي والتوصية بسلسلة من الإصلاحات لتحقيق حماية الحقوق وتحسين التنسيق في الأمم المتحدة وتقوية صوت الأقليات.
وبالنسبة للتوصيات للاستجابة للحالات العاجلة التي تواجهها الأقليات، أوضح أنه ينبغي للدول والأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمجتمع المدني إعطاء الأولوية لجهودها الرامية إلى تطوير التماسك الاجتماعي والقدرة على الصمود وإلى تمكين الناس والمجتمعات المحلية من التعرف على علامات الإنذار بجرائم الكراهية ضد الأقليات والتصدي لها قبل وقت طويل من وقوعها.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.